لكاتب عبد العظيم نصر،،
يتعلم الأطفال من أولى دروس الحياة , كما تعتبر حياة الأسرة
بالنسبة لهم مدرسة يتعلمون فيها كل شئ ,
حيث تتراكم في نفوسهم القيم والمواقف والمشاعر والعواطف
من خلال سلوكنا وتصرفاتنا , ولذا فإننا سنكون نماذج وأمثلة
يقتدون بها ويقلدونها , حتى لو حاولنا منعهم عن ذلك ,
وفي هذه السن الحرجة فإن الأطفال سيكونون أشبه
بأجهزة تسجيل دقيقة تضبط كل أقوالنا ومواقفنا ,
ولذا فإننا سنكون نماذج يسئة إذا أسأنا التصرف قولا أو عملا ,
وإن الحياة الزوجية التي يسودها الإضطراب والنزاع وعدم الإستقرار ,
ستخلق أطفالا مضطربين ومهزوزين نفسيا , وفي هذه الحالة يتحمل
الوالدان مسؤولية ما ينشأ عن ذلك من أَضرار
في بناء وتكوين شخصية ابنائهم .
لقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 80% من الإضطرابات
العاطفية والنفسية لدى الأطفال , إنما نشأت بسبب بعدهم
عن أو فقدهم لأمهاتهم , سواء أكان موتا أم طلاقا بل وحتى سفرا طويلا .
نعم أن المشكلة الكبرى هي الطلاق , ذلك أنها تحرم الطفل من ذلك
النبع الفياض بالحب والحنان , وإنه لنوع من الأنانية أن
يسعى كل من الزوجين إلى حل مشكلاتهما عن طريق
الطلاق دون أن يحسبا أي حسبا للمشاكل المعقدة التي سوف تواجه أطفالهما من جراء ذلك .
إن النزاع لا يؤدي إلى تصدع العلاقات الزوجية فحسب ,
بل تتعدى آثاره إلى إحداث تصدع فكري ونفسي ,
من إحساس أحد الزوجين بأنه يرد أعتباره أو أنه يحقق وجوده من خلال إيذاء الآخر ,
إلا أنه في الواقع يؤذي نفسه أيضا , ويوجه إليها طعنات نجلاء سوف تظهر آثارها في المستقبل ,
ذلك أنه يقضي على مشاعر الحب وينابيع المودة في أعماقه والتي هي أساس السعادة في الحياة .
وتدل الإحصاءات القضائية على انتشار التصدع العائلي بدرجة كبيرة بين المجرمين الأحداث ,
على أن نسبة المجرمين الأحداث من الإناث الذين يأتون من عائلات متصدعة تفوق نسبة المجرمين الذكور الذين ينتمون إلى مثل هذه العائلات ,
وأوضحت بعض الدراسات الخاصة أن تصدع العائلة بسبب الطلاق ,
أو التفريق أو الهجر , أو التمييز بين أحد الأبناء على حساب الآخر ,
أو إهمال نشر شحنات العطف على الأبناء , أو فقدان التلطف في القول ,
أو تلبية الحاجات الضرورية , يكون تأثيره على السلوك الإجرامي
للأبناء أقوى من تأثير التصدع الذي يرجع إلى الوفاة أو الطلاق.