منتديات تل الصافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تل الصافي

منتديات طريق العودة الى القدس
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
يوسف معدي
هيئة الاشراف والرقابة
هيئة الاشراف والرقابة
يوسف معدي


عدد الرسائل : 964
العمر : 67
السكن : عمان الاردن
تاريخ التسجيل : 07/06/2008

كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Empty
مُساهمةموضوع: كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة   كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Emptyالإثنين ديسمبر 14, 2009 3:00 pm

أضواء على سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد:
فلطالما شغلت بالتفكير في سورة الفاتحة, التي هي أم الكتاب. ويدور دائماً في ذهني سؤال: لماذا اختار الله سبحانه وتعالى هذه الآيات السبع لتكون الأهم في كتابه العزيز والملخصة له؟
من المؤكد أن اختيارها لم يكن عشوائياً بأي حال من الأحوال، بل أن القرآن كامل متكامل ليس فيه زيادة ولا نقصان، والذين خاضوا في إعجاز القرآن أثبتوا أن سور القرآن وكلماته بل وحروفه تشكل وحدة واحدة متكاملة متماسكة لا يمكن التلاعب بها حذفاَ أو إضافةَ أو تبديلاَ حتى وإن طالت الآيات وكثرت التفاصيل. فالقرآن معجزة الرسول الكريم _ صلى الله عليه وسلم _ الذي تحدى الله تعالى به فرسانَ اللغةِ من قريش وقد كانوا أفصحَ الناس لساناً في ذلك الزمان، بل إنك لتحس أن الله سبحانه وتعالى قد أعد اللغة العربية لاستقبال القرآن العظيم وهيأها تهيئة تليق بكلام رب العالمين فلقد شرفت اللغة العربية بالقرآن العظيم وقد شرف العرب أن كان رسولهم عربياً وقرآنهم كذلك.وكيف يكون في كتاب الله سبحانه وتعالى نقص أو عيب. إنه أفضل وأصدق وأبين كلام قيل على الإطلاق وهو المعجز الذي لا يقدر على الإتيان بمثله أحد قال تعالى ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) الاسراء-الاية 88 . صدق الله العظيم. فهل يستطيع المخلوق أن يأتي بأفضل مما جاء به الخالق! وقال تعالىSad وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الانعام- الاية 6. والقرآن هو الجامع الملخص المفيد لما أراد الله تعالى أن ينزل على عبده ، ولو أراد الله تعالى أن ينزل المزيد على رسوله لكان ذلك عليه سهلاَ يسيراً، لقوله تعالى : ( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) .
إذا هذا الكتاب هو خير ما قيل وكتب على الإطلاق ذلك لأنه كلام الله نزل به الروح الأمين على قلب الرسول الكريم محمد _ صلى الله عليه وسلم _ وانظر إلى هذا الشرف العظيم للقرآن فهو كلام الله رب العالمين، يحمله خير مَلَكٍ لينزله إلى خير بني البشر. يقول فيه الله سبحانه وتعالىSad انَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت- الايات 41 و42 .
و الفاتحة كما يقول المفسرون على قصرها قد حوت معاني القرآن العظيم واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال. فهي تتناول أصول الدين وفروعه ، وفي صحيح البخاري أن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قال لأبي سعيد بن المعلّى: لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته"
إذا فهي القرآن العظيم وهي أم الكتاب والأم هي أصل التفرع ونواة التوسع. وقد سميت الوافية والكافية ولم تكن هذه التسميات عبثاً فالفاتحة هي الملخص المفيد للقرآن العظيم تحمل ما يحويه القرآن كله من معان ومقاصد وتشريع وعبادات وعقيدة وحكمة ومعاملات وغير ذلك مما يحويه القرآن. فكيف تتوقع أن يكون هذا الملخص؟ ولو أنك أعطيتَ كتابا ًبحجم القرآن وطُلب منك أن تلخصه في ربع صفحة من نفس الحجم، فماذا كنت ستختار لتلخص وأي عقل ذاك الذي سيتمكن من تلخيص كتاب بهذا الحجم في ربع صفحة! ولكن الذي اختصر القرآن العظيم في سبع آيات فقط هو الله سبحانه وتعالى، فانظر إلى عظمة الله.
وإنني هنا لست في مجال شرح وتفسير آيات سورة الفاتحة فلقد فسرها المفسرون وتسابق على إعادة تفسيرها المتسابقون، والرجوع إلى هذه التفاسير سهل يسير. ولكن الذي يهمني هو إجابة السؤال الوارد آنفاً وهو كيف تكون هذه الآيات السبع شاملة للقرآن العظيم ملخصةً له كاملة غير ناقصة؟ وما سرّ اختيار عباراتها؟ وعلى سبيل المثال اختار الله سبحانه وتعالى من أسمائه (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لتكون في الفاتحة ولم يختر السميع البصير أو الجواد الكريم أو الحكيم الخبير.
أقول وبالله التوفيق:
أما البسملة(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فإنني أكتفي بقول المفسرين وهي أنها أدب مع الله في أن نبدأ كلامه بذكر اسمه وأن نبدأ الأعمال بها وتعني (أنا أبدأ بذكر أسم الله) أما (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فسوف يتضح معناها في سياق شرح سورة الفاتحة.
قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) : فكلمة (الحمد) كلمة تقال للتعبير عن الشعور بالرضى أو السرور لتمام أمر كنت ترجو تمامه أو لعدم حصول مكروه كنت تخشى حدوثه. والحمد لا يكون إلا لله بينما يكون الشكر لله ولغير الله، قال تعالى (أن اشكرلي ولوالديك الىّ المَصير) ذلك أن الشكر عادةً يكون على أمرٍ خاص وموجه للشخص المتسبب فيه، لكنك لا توجه الحمد لهذا الشخص إنما تقول الحمد لله. وحتى عندما تصاب بمكروه تقول الحمد لله، لأنك بذلك تعبّر عن الرضى العام والقبول بما رضي الله به لك. وذلك تأدباً مع الله القائل: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة.
و الشكر الموجه من الإنسان لغير الله يكون كافياً كجزاء لعمل قدمه الطرف الآخر الذي لا ينتظر منك غير ذلك، لكن الشكر لله يقتضي الزيادة أما قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ابراهيم-الاية 7، فانظر إلى كرم الله ،وأيضاًحتى تكون يد الله هي العليا دائماً. إذا نحن نوجه حمداً لله ،إذ لا يجوز توجيه الحمد لغيره.
ويقفز إلى الذهن سؤال : علامَ نحمد الله؟
أولاً الحمد لله على أن الذي نعبده هو الله، ذلك أن الناس على مر الزمان وكما ذكر القرآن عبدوا أشياء كثيرة فمنهم من عبد النار ومنهم من عبد الأصنام ومنهم من عبد الأنبياء إلى آخر ذلك، ولكن العقل والفطرة السليمين وخاصة بعد أن أرسل الله الرسل واتضحت الأمور يرشداننا إلى حقيقة أن لا معبود إلا الله. ولو خيرت أن تختار إلها تعبده فهل تختار الذي خلقك ، الغني القوي العزيز الجبار الحي الذي لا يموت، الذي لا يعجزه أمر في السماء ولا في الأرض، القائل (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)! النحل- الاية 40 أم تعبد من دونه من لا يضر ولا ينفع ومن ليس قادراً على حماية نفسه.
إذاً الحمد أولاً وقبل كل شيء على أن الذي نعبده هو الله.
ثم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي نحمده سبحانه وتعالى انه هو نفسه رب العالمين ذلك أن الرب هو من يقوم بالعناية والرعاية والإنفاق وتدبير الأمور، فرب الأسرة هو الذي يقوم على رعايتها والإنفاق عليها ويحمل همها, ورب العالمين يقوم بتولي أمور(ليس أسرة واحدة) بل كل الأسر وكل الناس وكل المخلوقات والكون كله, فانظر إلى عظمة الله.
ولله المثل الأعلى، فان رب الأسرة مخلوق ضعيف، قد يعجز أحياناً عن القيام بالمهام الملقاة على عاتقه وهو ينام ويصحو ويمرض ويشفى بل انه هو نفسه بحاجة إلى رعاية ثم انه يموت. وتفكرفي قدرة ربك ولطفه فهو الذي يرعاك وأسرتك ويرعى كل الأسر والناس أجمعين وهو الذي ينفق عليهم كلهم ويحفظهم ويحميهم، وهو لا يمرض ولا يفقر ولا يغيب ولا ينام ولا يموت.
فاحمد الله سبحانه وتعالى على ان الله هو إلهك الذي تعبده وانه ربك الذي يرعاك، ولو كان ربك غير الذي تعبد لما رعاك حق الرعاية ، فكيف يرعاك وأنت تعبد غيره.
اما قوله سبحانه وتعالى Sad الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فهنا يعرّف الله على نفسه لمن يتساءل ويقول عرفنا وآمنا بأن الله هو إلهنا الذي نعبده وانه ربنا، فما هي صفاته وهل فيه من الصفات ما يلبي حاجاتنا وآمالنا؟ وهل هى كافية حتى لا يكون لغيره صفات أفضل؟
وكأن الله سبحانه وتعالى يجيب على هذا التساؤل بقوله سبحانه وتعالى: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وما قال الله غيرها في الفاتحة وذلك تلخيصاً لكل صفاته، إذاً من البدهي أن تكون هاتان الكلمتان تشملان كل صفاته سبحانه والذي يدقق في النص القرآني يجد أن الرحمن صفة عظمة وهي صفة لذات الله بينما الرحيم صفة رحمة للرب وهي صفة فعل تدل على علاقة تفاعلية بين الرب الخالق والعبد المخلوق، ودقق أخي مرة أخرى في النص: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فالأولى للأولى و الثانية للثانية أي أن الرحمن لله والرحيم لرب العالمين وهذا الأسلوب البلاغي موجود في القران الكريم ويسمى" اللف والنشر المرتب" كقوله: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) عبس- الاية 31و32 فالفاكهة للناس والأب للأنعام. ولقد تعددت أساليب البلاغة المشابهة كقوله تعالى: (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
ولقد بحثت ودققت في أسماء الله الحسنى فوجدتها فعلاً تنقسم إلى قسمين فنصفها تقريبـاً أسماء عظمة لذاته مثل : الله الملك العزيز الجبار المتكبر العليم السميع البصير اللطيف الخبير العظيم الحليم ... إلى أخـر ذلك،
والنصف الثاني هي أسماء رحمة تمثل علاقة تفاعلية بين الرب وعباده مثل: الغفار التواب الوهاب الرزاق الفتاح الخافض الرافع المعز المذل المنتقم المغني النافع المحيي المميت... إلى أخر الأسماء.
ولقد قيل في (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) تفاسير مختلفة منها أن الرحمن للآخرة والرحيم للدنيا، ومنها أن الرحمن لجميع الخلق والرحيم للمؤمنين، ولكن ما يهمنا هو أنه بالرغم من تباينها إلا أن فيهما (رحمة) والرحمة قد لا تكون واضحة جلية في أسماء ذاته مع أنها موجودة، مثال ذلك اسمه سبحانه (العظيم) وهذه صفة ايجابية لو لم تكن فيها من الإيجاب إلا أنها صفة طيبة يحب العبد أن يجدها في الله الذي يعبده لكان ذلك يعني شيئاً محبباً للعبد وهو رحمة له، إذ لو كان الله بخلاف ذلك لما أحب العبد ذلك فالإنسان لا يحب أن يكون إلهه الذي يعبده ضعيفاً أو فقيراً أولا يسمع ولا يبصر أوما إلى ذلك من الصفات التي لا تليق بجلاله.
اما صفة الرحمة في أسماء الرحمة فهي واضحة جلية مثل الغفور، فالغفور هو الذي يغفر الذنوب وهذه رحمة والتواب رحيم والمحيي رحيم والهادي رحيم وهكذا بقية الصفات, حتى عندما تجد اسماً ظاهره ليس فيه رحمة فاعلم أن فيه رحمة أنت لا تدركها وأورد مثالاً على ذلك (المميت) فقد يقول قائل أين الرحمة في الموت, وأنا أسالك : ماذا تقول لو رأيت شخصاً مريضاً بمرض لا يرجى له شفاء، بل وأصبح غير قادر على قضاء حاجته، والناس ينفرون منه، وهو عاله على غيره؟ انك تقول : "لو أن الله يرحمه بالموت" فموته رحمة له و لغيره, ثم إن الموت باب لا بد من ولوجه للخلاص من دنيا الشقاء إلى جنة عرضها الأرض و السماء. إذاً أليس الموت رحمة!!!.
ويجب ملاحظة ما يلي: أن الرحمة في (المنتقم) لا تكون أبداً للمستهدفين من الانتقام لأنهم كفروا، والرحمة أبداً لا تكون للكافرين.وان كان في الانتقام رحمة فهي شفاء لصدور المسلمين المؤمنين ورحمة بهم وعبرة لمن جاء بعدهم.قال تعالىSad وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ).
لذلك فإن(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) بلا شك تمثل وتغني عن بقية اسماء الله الحسنى ، بل وتحمل معانيها وفي هذا تلخيص لجزءٍ كبير من القرآن العظيم.
أما قوله Sad مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ):
لم تأتي (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)في هذا الموضع إسماً من أسماء الله لأنها مشمولة بِ (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ، لكنها جاءت لتلخص أمراً آخر. فبعد أن يتيقن الإنسان أن الإله الذي يعبد هو الله وقد رضي به رباً و أنه الرحمن الرحيم فيطمئن الإنسان المؤمن بأنه في محل أمن ورعاية، إذ ليس أفضل من أن يكون الإنسان بين يدي مولاه وربه رب العالمين الرحمن الرحيم، ويستعرض حياته فيجدها تنتهي بالموت فيخطر بباله سؤالان الأول هل بعد الموت حياة ؟ والثاني إن كانت هناك حياة فمن المسؤول والمتصرف فيها؟ فيأتي الجواب (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أي أن هناك يوماً يسمى يوم الدين وهذا يعني ضمناً أن هناك حياة بعد الموت، وان هذا اليوم المسمّى يوم الدين هو يوم الحساب، وهو يوم عظيم يقضي فيه الله بين العباد فاما إلى جنة وإما إلى نار،ويعني أيضاً أن المالك لهذا اليوم هو الله رب العالمين الرحمن الرحيم الذي عرفتموه في الدنيا واطمأننتم له وعبدتموه وأحببتموه ورضيتم به إلها ورباً فاطمئنوا. ويجب ملاحظة أن كلمة (مالك) هي أفضل تعبير للدلالة على أن كل ما يحدث في ذلك اليوم من أحداث عظام وتقرير مصير وما إلى ذلك إنما يحدث بأمر الله فهو الملك وهو المالك, إذاً فالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين.وهي أيضاً أفضل ما يمكن التعبير به عن تفرد الله بالحكم في يوم الحساب الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا واسطة ولا منصب ولا جاه، فالله وحده يتصرف فيه كيف يشاء ، ألا يحق للمالك أن يتصرف في ملكه!!
وانظر الى ترتيب الآيات: يجيء قوله تعالى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بعد الحديث عن الله رب العالمين الرحمن الرحيم ، فيدرك القلب المؤمن أنه محاصر وأن الأبواب كلها موصدة أمامه الا باباً واحداً مفتاحه(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)وهكذا يكون فهم المسلم المؤمن لآيات الفاتحة . أما القلب الغافل فيقرأ(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ويقول:"الأمر لا يعنيني"، فتأتيه آية (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) تصفعه على وجهه المتكبر صفعة تستفيق لشدتها القلوب الغافلة، وتذرف العيون خوفاً وطمعاً ، ًثم لا يبقى قلب فيه ذرة من ايمان إلا ويخشع لذكر الله ، فينطلق لسانه بِ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فهماً لمعانيها وادراكاً لمراميها، فالأمر جد خطير ، قال الله تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) الطارق- الايات 13و14 وقال تعالى واصفاً الساعة(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) الحج-اية 2. اذاً فاذا فهم الانسان وأدرك المطلوب منه يكون قد حقق أموراً ثلاثة تمثل التزامه تجاه الله وهي الحب والخوف والرجاء.أما الذي لا تهز هذه الآيات مشاعره ولا توقظ عقله فهو إما أنه لا عقل له ،وهم الذين قال فيهم ربهم( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا) الفرقان- اية 44 وإما أنه كافر معاند غير مصدق ، ولا يريد أن يُعمل عقله في آيات الله حتى لا يصدق. قال فيهم ربهم (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) البقرة-أية 175
وإذاً ماذا نريد بعد يا رب ! وهنا ينتقل الحديث إلى موضوع أخر :
فبعد أن انتهى الحديث عن التعريف بالله رب العالمين وتوضيح العلاقة بين الله رب العالمين و الإنسان نأتي إلى الجانب العملي أي كيف تكون حقيقة هذه العلاقة؟ يلخصها ربنا الذي يعلمنا ما نقول، فيقول سبحانه وتعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أي عليك أيها العبد الضعيف أن تقر وتعلن انك لا تعبد إلا الله ولا تستعين بغير الله وكرر ذلك في صلاتك تجديداً للعهد الذي بينك وبين الله وهى شهادة متكررة تذكِّر بها نفسك سبع عشرةَ مرةً في اليوم أوضعف ذلك اذا صليت السنن ، والأمر في غاية الأهمية لأن أمر العبادة أمر عظيم أما قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات-أية 56 صدق الله العظيم، فبقراءتك لسورة الفاتحة أكثر من مرة في كل صلاة تجديد دائم للعهد وإقرار مستمر على الولاء لله و استمرارية في الانتماء إلى الموحدين العابدين والسير على هدى الرسول الأمين وخطى الصحابة والتابعين, وقد يقول قائل ما أهمية ذلك فالطفل الصغير يعرف أننا نعبد الله ونستعين به ونقول للقائل: تذكر أن هذه السورة ما نزلت علينا الآن، فلقد تجذّر في قلوبنا الإيمان وورثناه عن آبائنا وأصبح يمشي في عروقنا، لكن الآيات نزلت على أقوام لم يكونوا يعرفون الله ولا ربهم وكانوا يعبدون غير الله ولا يعرفون كيف تكون العلاقة بينهم وبين الله وكانوا لا يعرفون ماذا يقولون ولا ماذا يفعلون وكان منهم متشككون ومنافقون ،فكان لابد من وضع النقاط على الحروف ولقد عانى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عانى في سبيل نشر دعوته وإلانة القلوب القاسية، فكان لا بد أن تكون الأمور واضحة جلية، والعبارات ذات مضامين غير خفية .
فعبارة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تمثل العلاقة المتبادلة بين الله وعباده، ذات حركة متعاكسة، أي تصعد العبادة إلى الله وينزل العون من الله وتحقق الأول شرط للثاني فلا يكون الله في عون الكافر أو الظالم ولا يعين من يستكبر عن عبادته أو دعائه قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) سورة غافر- أية 60 .وإنك بقولك (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تؤكد على وحدانية الله وتفرده بالعبادة، فإياك تعني أنت وحدك.
وواضح أن قوله سبحانه وتعالى(اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) جامعة لكل خير يرضى الله سبحانه وتعالى به، واختيارُ الله لها وحدها دعاءً في سورة الفاتحة لهو الدليل على أنها جامعة، وان أردت أن تتعرف على تفاصيل الأدعية فاقرأ القران وتعلم الدعاء . وكما يقول بعض علمائنا الأجلاء (إذا أردت أن تخاطب الله فصلّ، وان أردت أن يخاطبك الله فاقرأ القران).
بقي موضوع واحد هو من الأهمية بحيث يشكل سبع الفاتحة ولا يبدو موضوعاً رئيسياً من مواضيعها ذلك قوله سبحانه وتعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) لأنه تفسير للآية السادسة، فليس من موضوع جديد لكنه مهم جداً ، فقد يقول قائل هذه الآية مفهومة فالصراط المستقيم ليس صراط المغضوب عليهم وهم اليهود ولا صراط الضالين وهم النصارى وللرد نقول: انك تقول هذا بعد أكثر من 1400 عام على بعثة رسول الله وقرأت القران مراراً وتكراراً ولا بد أن تكون قد قرأت تفسير القران ووقفت على حقيقة الأمر ، ولكن تصور في بداية الدعوة كيف كان الناس يفكرون، وكانوا يعرفون أن اليهود أهل كتاب، وكان اليهود يستغلون الفرص ليشككوا في الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وقد يقول قائل وحتى بعض الجهلة في زماننا هذا، يقولون ما دامت التوراة والإنجيل كتباً سماويةً فلماذا لا يكون أهلها على الصراط المستقيم، ويجد من شياطين الإنس والجن من يزين له الفكرة، فيؤكد الله هنا أن الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم وهم الذين أسلموا وجوههم الى الله واتبعوا الإسلام ديناً، وليس صراط اليهود والنصارى ذلك أنهم حرفوا دينهم واتبعوا أهواءَهم . ثم إن الأصل في أصحاب الكتب السماوية السابقة أن يلتحقوا بالإسلام لقوله سبحانه وتعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ال عمران - الاية 85 صدق الله العظيم.
وبهذا تكون آيات سورة الفاتحة كلمات مختصرة مفيدة جامعة مانعة موجزه للقران العظيم تشكل الخطوط العريضة لدستورِ ومنهاجِ الأمةِ من غيرِ خوضٍ في التفاصيل فيكون الإعجاز فيها أنها سبع آيات لخصت القران الكريم كاملاً من غير نقص. إضافة إلى إعجازها بأنها جزء من القرآن الذي تحدى الله به العرب بل الإنس و الجن أن يأتوا بمثله. إذاً فهي والقرآن العظيم معجزة الرحمن على مر الزمان. والله أعلم.
إسماعيل محمد اسماعيل أبو عفيفة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.tal-alsafi.com
طارق ابو عفيفة
المدير
المدير
طارق ابو عفيفة


عدد الرسائل : 1847
العمر : 46
السكن : فلسطين
تاريخ التسجيل : 27/01/2008

كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة   كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Emptyالإثنين ديسمبر 14, 2009 4:45 pm

جزاك الله خير
وجزا الله السيد اسماعيل محمد كل خير
بس يا ريت تعطونا لمحة عن الشيخ اسماعيل محمد ابو عفيفة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://tall-alsafi.ahlamontada.com
نجاة مطلق أبو عفيفة
مشرف متميز
نجاة مطلق أبو عفيفة


عدد الرسائل : 820
العمر : 53
السكن : عمان
تاريخ التسجيل : 27/08/2009

كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة   كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة Emptyالثلاثاء ديسمبر 15, 2009 10:30 pm

كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة %D8%AC%D8%B2%D8%A7%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D8%AE%D9%8A%D8%B1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتب اسماعيل محمد اسماعيل ابو عفيفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تل الصافي :: منتدى دنيا ودين :: دنيا ودين-
انتقل الى: